كشف الباحث اليمني المتخصص في الآثار، عبدالله محسن، عن تمثال أثري نادر يُجسّد امرأة بارزة من مدينة "تمنع" التاريخية، عاصمة مملكة قتبان، يعود تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ويُعرض حالياً في عدد من المعارض الدولية بعد تهريبه من اليمن إلى فرنسا قبل عام 1970، ومن ثم انتقاله إلى سويسرا.
التمثال المصنوع من المرمر والمزدان بعناصر برونزية، يُعد من أكمل وأندر نماذج النحت اليمني القديم، ويُرجَّح أنه يُمثّل ملكة أو كاهنة. وقد شارك في معارض فنية مرموقة، من بينها معرض "PAD London" الذي أُقيم في ساحة بيركلي بلندن عام 2017، والمُخصص لعرض أبرز أعمال الفنون الكلاسيكية والمعاصرة.
وبحسب مؤسسة "فينكس للفن القديم" التي تولت عرض التمثال، فإنه يُعدّ أكمل تمثال مرمري معروف لامرأة يمنية، ويتميّز بتفاصيل فنية دقيقة، منها الشعر البرونزي، والتاج، والأقراط، والأساور المصممة على هيئة أفاعٍ، إلى جانب فستان طويل بأكمام قصيرة.
ويتميز الوجه بملامح دقيقة، لاسيما العينان الكبيرتان المرصعتان بمادة داكنة يُعتقد أنها البيتومين، والحواجب والحدقتان المحفورتان بدقة عالية.
وأوضح الباحث محسن أن التمثال يُصوّر امرأة واقفة على قاعدة صغيرة، بقدميْن عاريتيْن وذراعيْن ممدودتيْن إلى الأمام بوضع تعبّدي، حيث تبدو إحدى اليدين مفتوحة، فيما تقبض الأخرى على جسم غير محدد. ويظهر في التمثال تباين فني واضح بين تجريد الجسد ودقة نحت الوجه، وهو ما يُعد من السمات الفنية البارزة في النحت اليمني القديم.
وتشير دراسات دولية، من بينها ما أورده الباحثان كليفلاند ودي ميغريه، إلى أن هذه التماثيل كانت تُستخدم كصور رمزية للمتوفين وتُوضع بجوار القبور، بما يعكس طقوس الدفن والمعتقدات الدينية في حضارة قتبان.
ويُعدّ هذا التمثال شاهدًا نادرًا على ثراء وتفرّد الحضارة اليمنية القديمة، ويؤكد على ضرورة تكثيف الجهود لاستعادة الآثار المنهوبة والحفاظ على ما تبقى منها من عمليات التهريب والنهب.