في زمن تتكاثر فيه الهموم وتتزاحم فيه الأزمات، وتتثاقل فيه أقدام الدولة عن القيام بدورها في توفير أبسط الخدمات، يشرق من بين الركام شعاع أمل يحمل راية المبادرة وروح المسؤولية، لا من نخب أو مسؤولين، بل من شباب مؤمنين بأن الوطن لا يُبنى بالكلمات بل بالأفعال، ولا يُرمّم بالصراخ بل بالمطرقة والمعول.
هكذا ظهروا، أربعة من خيرة الشباب:
إبراهيم الكازمي، فهد البرشاء، نبراس الشرمي، وماهر البرشاء،
شباب لم ينتظروا تمويلاً من جهة، أو توجيهاً من مسؤول، بل أطلقوا مبادرتهم بكل همة وحماسة لترميم وصيانة الطريق الدولي بمحافظة أبين، من مدخل زنجبار حتى مديرية مودية، في مرحلته الأولى، برعاية ومساهمة مشكورة من سيادة العميد الركن ناصر عبدربه منصور هادي.
لقد كان حضورهم في موقع العمل، ومواكبتهم للجهد اليومي، وتجردهم من أي مصلحة ذاتية، هو أبلغ شاهد على صدق انتمائهم، وعمق وعيهم، وعلو همّتهم.
إنهم لم ينظروا إلى الطريق باعتباره مجرد إسفلت، بل رأوه شرياناً للحياة، ومساراً للتنمية، وطريقاً للمستقبل.
فما أروع أن ترى شاباً يرفع مجرفته بدلاً من أن يرفع صوته بالشكوى، أو يسابق الزمن في إصلاح الحفر بدلاً من مطاردة الوهم.
وما أجمل أن يتقدّم الشباب الصفوف، لا في المظاهرات فحسب، بل في ميادين البناء والإنجاز، مدفوعين بحبّ الوطن، لا بأجندات حزبية ولا بمصالح ضيقة.
إن هذه المبادرة ليست مجرد إصلاح لطريق، بل هي إصلاح لمسار أمة، وبداية جديدة لمعنى المواطنة الفاعلة، والقيادة المجتمعية المسؤولة.
فيا أيها الشباب في كل محافظات الوطن،
انظروا إلى هؤلاء الأربعة، وتأملوا فعلهم، واستلهموا من عزيمتهم، فإن الوطن لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه، ولا يتعافى من جراحه إلا إذا وُجد من يضمدها لا من يبكيها.
إن المبادرة التي أطلقها هؤلاء الشباب هي مفتاح التغيير الحقيقي، وهي بمثابة دعوة مفتوحة لكل من يريد أن يكون فاعلاً لا متفرجاً، ومصلحاً لا ناقماً.
ففي مثل هذه الأعمال الصامتة التي تثمر، نجد روح قوله تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"
فمن أراد التغيير فليبدأ بنفسه، وليبدأ من مجتمعه، وليغرس حيث يقف، فالخير موجود فينا إن نحن بعثناه من رماده.
تحية من القلب لهؤلاء الشباب الرائعين،
وكلنا أمل أن تكون هذه المبادرة المباركة فاتحة لمشاريع أخرى تُبعث فيها الحياة من جديد في طرقات اليمن، وفي روحه المنهكة.
كلنا أبين.. وأبين لنا كلنا.
ولا تزال اليمن حبلى برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
،،،،،،
عبدالعزيز الحمزة
الاحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥م