بعض الحقائق عندما تتكشف تختصر عليك طريق البحث عن اجابات لعدد من الاسئلة العالقة في ذهنك عن السبب الحقيقي وراء الازمات الحاصلة
فمجرد تسريب وثيقة صادره عن احد المرافق الحكومية لوسائل الاعلام مختصرة لاتتعدى الاربعه اسطر وتحوي معلومات وتفاصيل صادمة تشير الى حجم العبث الحاصل في المال العام تضع امامك الاجابات المستعصية التي بذلت الكثير من عمليات البحث والتحري للوصول لها
وتحصل من خلالها على اجابه مفادها ان الازمة التي نمر بها وتعصف بالبلاد ويتجرع ويلاتها المواطن سببها هو ان من هم مسؤولين على خدمتنا وتوفير سبل العيش الكريم لنا يعبثون بالمال العام بأسأليب وطرق مذهله تدل على حجم الفساد المستشري وعلاقة الفساد المتبادل بين المرافق الحكومية في المستوى الادنى مع التي تتبعها في المستوى الاعلى
اي ان الازمة الحاصلة ليس سببها النقص في الموارد كما يروج له بل نقص في العقليات الادارية الوطنية الصالحه المحترمه المشهود لها بالنزاهة والأمانة والاخلاص والتفاني في اداء العمل وسيطرة عصابه من الفاسدين على مفاصل الدولة ومرافقها الحكومية تعمل على استنزاف موارد الدوله واهدارها
ان ما تحدث عنها من حقائق عند تكشفها تضع امامنا اجابات واضحه عن ماهو حاصل يؤكدها صندوق صيانة الطرق الذي تقدم بطلب رسمي إلى وزارة المالية للحصول على تعزيز مالي إضافي بقيمة خمسة مليارات ريال، مخصص لتغطية النفقات التشغيلية للربع الثاني من العام الجاري 2025، بينما أربعة مليارات ريال سبق صرفها في الربع الأول من العام نفسه، بحسب وثيقة رسمية
ويأتي طلب زيادة المبلغ الى خمسة مليار ريال يمني على اساس ان المبلغ السابق الذي صرف في الربع الاول المقدر بأربعه مليار ريال يمني غير كافي لتغطية النفقات التشغيلية لذلك لابد من زيادة المبلغ
الى هنا تبدوا الامور طبيعيه حيث ان صندوق صيانه الطرق تقدم بطلب الى وزارة المالية للحصول على مبلغ مالي لتغطية كامل النفقات التشغيلية ولكن عند الدخول في منعطف استكمال تسوية وتصفية العهدة المالية التي بلغت أربعة مليارات ريال يمني استلمها صندوق صيانة الطرق خلال الربع الأول من العام الجاري نصبح امام فضيحة فساد من العيار الثقيل تصيب العقل بذهول حيث تُظهر بيانات التصفية للربع الأول أن:
- ما نسبته 78% من إجمالي الإنفاق (ما يعادل 3 مليارات و120 مليون ريال) خُصصت لمستخلصات خاصة بمقاولي القطاع الخاص.
- 22% (880 مليون ريال) صُرفت كنفقات تشغيلية داخلية، توزعت على النحو التالي:
- 360 مليون ريال بدل إشراف، أجور، مكافآت، ومصروفات إدارية.
- 100 مليون ريال لمصاريف وقود، إيجارات، مساعدات علاجية، وبدلات سفر.
- 80 مليون ريال لإنفاق إعلاني في وسائل إعلام محلية.
- 120 مليون ريال كمخصص للوزارة.
- 220 مليون ريال كإكراميات موسمية بمناسبة رمضان وعيد الفطر.
ان حجم المبلغ الكبير المقدر بأربعة مليار ريال والتمعن في بيانات التصفيه يجعلنا نتساءل هل يعقل ان ذلك المبلغ صرف بتلك الطريقة التي اشار لها بيان التصفيه؟ وهل يوجد مشاريع تم إنجازها بجزء من المبلغ المذكور؟ وهل الاعلانات في وسائل الاعلام المحلية تصل تكلفتها 80 مليون ريال يمني؟ وماهي طبيعة ونوع تلك الاعلانات التي تكلف ذلك المبلغ الكبير؟ وهل صحيح ان مبلغ 220 مليون ريال تم صرفها كإكراميات بمناسبة شهر رمضان وعيد الفطر؟ ومن المعروف ان الوزارة تمنح المرافق التابعه لها مخصصات ماليه لكن في وضع صندوق صيانة الطرق هو من يمنح الوزارة التي يتبعها مبلغ 120 مليون كمخصص للوزارة ! والغريب ان وزارة المالية تعتمد تلك التصفيات الغير منطقية والمنافية للواقع وعلى ضوء ذلك تصرف المبالغ
كل ذلك يوضح لنا حقيقة ان ما نمر بها من ازمات انما هي نتيجه لتسلط فاسدين على راس السلطه فأذا كان مرفق واحد يحصل على اربعه مليارات ويطالب بزيادة المبلغ في الوقت الذي نعاني فيه من تردي الخدمات والتدهور الاقتصادي و انقطاع الرواتب فما هو حجم المبالغ التي تتحصل عليها باقي المرافق والوزارات