آخر تحديث :الخميس-21 أغسطس 2025-07:41م

(7) الارهابي محمد علي الحوثي: من شعارات اللجنة الثورية إلى مهرج السياسية

الخميس - 21 أغسطس 2025 - الساعة 02:17 م

د. فياض النعمان
بقلم: د. فياض النعمان
- ارشيف الكاتب

سلسلة مقالات 7 - 20

عندما يذكر اسم الارهابي محمد علي الحوثي في الذاكرة اليمنية يتبادر إلى الأذهان مشهدان متناقضان الأول هو الشعار الذي لا يتوقف عن ترديده عن العدل والثورة وحق آل البيت والثاني هو السجون المكتظة بالمعتقلين والقرى التي نزفت دماء شبابها على الجبهات والموارد المنهوبة التي تحولت إلى وقود لحرب عبثية هذه المفارقة ليست عابرة وانما هي لب شخصية الرجل الذي يعتبر من أخطر أركان المليشيات الحوثية الارهابية ورمز لمشروع طائفي دموي جر اليمن إلى واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية في العالم.

الارهابي محمد علي الحوثي ليس قائد صعد من بين صفوف الناس ولا شخصية برزت بفضل إنجاز وطني ولكن صنيعة السلالة ابن القرابة المباشرة للارهابي زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي الذي دفعه إلى الصدارة ومنحه سلطة تتجاوز موقعه ومنذ اللحظة الأولى كان واضح أن صعوده لا يعتمد على الكفاءة وإنما على الولاء المطلق للمشروع السلالي الحوثي الذي يخلط بين القداسة الدينية والعنف السياسي.

ومع انقلاب سبتمبر 2014 كان الحوثي أمام فرصته الكبرى فالمليشيات احتاجت إلى واجهة سياسية تدير مؤسسات الدولة المصادرة فأنشأت ما تسمى اللجنة الثورية العليا وأسندت رئاستها إلى الارهابي محمد علي الحوثي ومن هنا تحولت الدولة اليمنية إلى مختبر للتجربة الحوثية فالوزارات تم تفريغها من الكوادر الوطنية وإحلال عناصر طائفية موالية مكانها والقرارات الإدارية والعسكرية أصبحت تمر عبر مكتب اللجنة والأمن والجيش أعيد تشكيلهما على أساس الولاء للسلالة لا للوطن وفي تلك اللحظة لم تعد اليمن دولة وانما شركة خاصة تدار بعقلية عصابة يقف محمد علي الحوثي على رأسها كمدير تنفيذي لمشروع الانقلاب الارهابي.

لكن الوجه الأكثر قتامة في مسيرته لم يكن إدارة مؤسسات الدولة وحسب ولكن في صناعة شبكة واسعة من الانتهاكات الممنهجة وخلال سنوات الحرب ارتبط اسمه بالاعتقالات التعسفية التي طالت الآلاف من الناشطين والصحفيين والسياسيين كثير منهم اختفوا في سجون سرية لا يعرف مصيرهم حتى اليوم وارتبط أيضا بحملات النهب الممنهج للممتلكات العامة والخاصة ولم تسلم من قبضته أراضي المواطنين ولا مؤسسات الدولة ولا حتى المساعدات الإنسانية التي حولت إلى مصدر تمويل للحرب وكان من أبرز المشرفين على تجنيد الأطفال التي حولت المدارس والمساجد إلى مراكز استقطاب وإجبار تدفع فيها الطفولة إلى الموت المبكر تحت لافتة الجهاد.

لم يكتف الحوثي بهذه الانتهاكات وأدار ماكينة إعلامية ضخمة تحولت إلى أداة تضليل وتصنع الأكاذيب وتعيد إنتاج خطاب ديني سياسي يبرر كل ذلك فالإعلام بالنسبة له ليس وسيلة لنقل الحقيقة وانما سلاح في معركة السيطرة يستخدم لتزييف الوعي وصناعة رمزية كاذبة حول الثورة والحق الإلهي.

وعلى الصعيد الخارجي لم يكن ارتباطه بطهران خفيا فمنذ وقت مبكر ظهر الارهابي محمد علي الحوثي كأحد أهم الحلقات التي تربط الجماعة بإيران وحزب الله اللبناني لقاءاته مع مسؤولين إيرانيين لم تكن مجرد علاقات سياسية وانما جسور لعبور الدعم المالي والعسكري والخبرات القتالية والارتباط جعل منه وكيل مباشر لمشروع إقليمي أكبر يسعى لجعل اليمن قاعدة متقدمة تهدد المنطقة بأسرها بمعنى آخر كان محمد علي الحوثي تجسيد لليد الإيرانية في صنعاء ينفذ أجندة خارجية تحت ستار الثورة اليمنية.

المفارقة الأكبر أن الرجل الذي يتشدق ليل ونهار بالعدل والمساواة وهو ذاته الذي عمل بوعي كامل على إعادة إنتاج مشروع الهاشمية السياسية وهو مشروع يستند إلى فكرة أن السلطة امتياز حصري لسلالة محددة بزعم الحق الإلهي فالمشروع لا يعترف بالجمهورية ولا بالمواطنة المتساوية ويعيد اليمنيين إلى منطق القرون الوسطى حيث تقاس الحقوق بالدم والسلالة وأصبح الارهابي محمد علي الحوثي بدل أن يكون قائد لمرحلة تحول مهندس لنظام عنصري يستحضر الماضي ليصادر المستقبل.

وعندما طرحت مبادرات للسلام لم يكن محمد علي الحوثي سوى عقبة كبرى في وجهها في كل مرة كان يفضل استمرار الحرب على تقديم أي تنازل حقيقي ولم يكن يرى في السلام سوى تهديد لسلطة المليشيات الارهابية بينما كان يرى في الحرب فرصة لمزيد من السيطرة والنهب واستمر في تغذية آلة الصراع تاركا اليمنيين غارقين في أزمات إنسانية واقتصادية غير مسبوقة وتحت قيادته حولت مؤسسات الدولة إلى أدوات جباية تستنزف من خلالها الضرائب والجمارك والموانئ لصالح العمليات العسكرية فالاقتصاد انهار والعملة فقدت قيمتها والناس وجدوا أنفسهم في طوابير الجوع وامام المساعدات الانسانية بينما كانت خزائن المليشيا تمتلئ.

قراءة مسيرة الارهابي محمد علي الحوثي تكشف أننا أمام شخصية لم تساهم في صنع المأساة عرضا وانما خططت لها وأدارتها بوعي كامل ورفع شعار العدل ليبرر الظلم وتحدث عن الثورة وهو يهدم أسس الدولة وادعى الوطنية بينما فتح الأبواب أمام التدخل الإيراني وهو ليس مجرد قيادي في مليشيات ولكنه أحد عقولها المدبرة وأحد وجوهها الأكثر صلابة في مشروعها الطائفي العنصري الارهابي ولقد ترك إرث من الانتهاكات والجرائم يصعب محوه من ذاكرة اليمنيين وسيبقى رمز لمرحلة مظلمة لن تذكر إلا بوصفها زمنا للخراب.

وإذا كان البعض يراه مجرد سياسي أو قيادي في مليشيات ارهابية فإن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير فالارهابي محمد علي الحوثي يمثل مشروع كامل يقوم على القوة والسلاح والتمييز الطائفي والكهنوت الامامي ومشروع يتعارض مع فكرة الدولة والجمهورية والمواطنة وهو مرآة تعكس الوجه الحقيقي للمليشيات الارهابية ولعصابة تلبس عباءة الدين متكئة على السلالة ومرتبطة بإيران ولا تجيد سوى صناعة المآسي والموت والجوع والخوف لليمنيين.

الارهابي محمد علي الحوثي هو التجسيد الحي للمفارقة التي يعيشها اليمن اليوم بلد يرفع فيه قادته شعارات العدالة بينما يغرقون اليمنيين في الظلم بلاد تتحدث فيه قادة المليشيات عن الثورة وهم يمارسون أبشع صور الاستبداد بلاد يختطف مستقبله بأيد تزعم القداسة بينما تمارس الانتهاك وسيبقى اسمه مثل اسم جماعته شاهد على واحدة من اهم صفحات التاريخ اليمني.