مع التحسن النسبي الذي شهدته قيمة الريال اليمني مؤخراً، أمام السلطة النقدية فرصة حقيقية لاستغلال هذا التحسن في إعادة توازن السوق النقدي وحماية المدخرات المحلية. أحد أهم الأدوات المتاحة لتحقيق ذلك هو رفع سعر الفائدة على الودائع بالريال اليمني، خطوة ليست مجرد إجراء مصرفي تقني، بل سياسة اقتصادية استراتيجية لها أثر مباشر على حياة المواطنين واستقرار الاقتصاد.
أولاً، رفع سعر الفائدة يشكل حافزًا للمواطنين والشركات للاحتفاظ بأموالهم بالعملة المحلية بدل تحويلها إلى النقد الأجنبي، وهو ما يخفف الضغط على سوق الصرف ويحد من التقلبات اليومية التي يعاني منها السوق. عندما يحصل المودع على عائد مجزي على ودائعه، تصبح فكرة الاحتفاظ بالدولار أقل جاذبية، وتتحول الأموال نحو دعم الاقتصاد المحلي بدلاً من التدفق إلى الخارج أو المضاربة بالعملات الأجنبية.
ثانيًا، هذه السياسة تساعد على امتصاص السيولة الفائضة في السوق، والتي غالبًا ما تتحول إلى مضاربات على الأسعار أو السلع، ما يزيد من الضغوط التضخمية. الودائع ذات العائد المرتفع تشجع على تجميد جزء من هذه السيولة داخل النظام المصرفي، ما يحد من التضخم ويحافظ على القوة الشرائية للمواطنين.
ثالثًا، رفع الفائدة يعزز الثقة في البنوك ويشجع على توسيع قاعدة الادخار المحلية. الثقة في النظام المصرفي ليست رفاهية؛ إنها أساس استقرار الاقتصاد. عندما يثق المواطن أن أمواله آمنة وتحقق له عائدًا جيدًا، يزداد التزامه بالعملة المحلية، وهو عامل أساسي لدعم الاستقرار النقدي والمالي.
وأخيرًا، من منظور السوق الكلي، هذه الخطوة تساعد البنك المركزي على تحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب على العملة، وتمنحه مساحة أكبر للتحكم بسعر الصرف. فالريال الجاذب والمدعوم بعوائد مناسبة يحد من الدولرة ويقلل من الطلب غير المشروع على النقد الأجنبي، ما يساهم في استقرار الاقتصاد ويخلق بيئة مناسبة للاستثمار.