رئيس الوزراء يصدر قراراً تاريخياً بتوحيد وتحديد الرسوم الجامعية السنوية في الجامعات الحكومية، ورسوم النفقة الخاصة والدراسات العليا، ليضع حداً لفوضى استمرت سنوات طويلة وأثقلت كاهل الطلاب وأرهقت الجامعات.
هذا القرار لم يكن مجرد خطوة إدارية ضمن حزمة الإصلاحات الاقتصادية، بل كان بالنسبة لي شخصياً محطة فارقة، فقد عايشت عن قرب حجم المعاناة المرتبطة بالرسوم الجامعية خلال فترة عملي في جامعة عدن، بدءاً من سكرتير صحفي لرئيس الجامعة وصولاً إلى مدير عام الإدارة العامة للإعلام.. كنت استقبل بشكل شبه يومي طلبات إعفاء من الرسوم سواءً من زملاء صحفيين وأصدقاء وجيران، وحتى مواطنين بسطاء -وهي ليست مهمتي طبعاً- وكان الرفض أو القبول رهناً بمزاج "عميد الكلية" أو منطقته أو مصالحه الخاصة!!
والحقيقة أن مسألة الرسوم الجامعية كانت تُدار بعشوائية فاضحة من بعض العمداء، الذين اعتادوا في كل عام رفعها بلا أي معايير أو ضوابط، وإنما وفقاً لمزاجهم وحاجتهم المالية الخاصة.. وكانت اجتماعات مجلس جامعة عدن شاهدة على تلك الفوضى، حيث كانت مناقشات الرسوم تنزلق عادة إلى سجالات عبثية، يتحول فيها مستقبل الطلاب إلى ورقة ضغط بين أغلبية رافضة وقلة مستفيدة، بعيداً عن المصلحة العامة وأقرب إلى تلبية نزوات شخصية واحتياجات آنية للبعض منهم.
أشهد أن رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور، الخضر لصور كان غالباً صاحب مواقف إيجابية، يوجّه بالإعفاء أو التخفيض بلمحة قلم، لكن تلك التوجيهات كانت كثيراً ما تصطدم بجشع بعض العمداء، ممن حولوا الإيرادات إلى وسيلة لإشباع طموحات شخصية: سيارات جديدة، سفريات ومنازل فارهة، بدلاً من تطوير البنية الأكاديمية.
اليوم جاء قرار رئيس الوزراء ليكسر هذه الحلقة، ويضع رسوماً محددة وموحدة، فلا مجال بعد اليوم لعبث العابثين، ولا ابتزاز للطلاب تحت ذرائع واهية.
هذا القرار يحمل في جوهره روح العدالة، ويعيد للجامعات هيبتها وللطلاب شعورهم بالطمأنينة؛ وأتوقع أن تتحول اجتماعات مجلس جامعة عدن بعد هذا القرار إلى جلسات أكاديمية جادة، بعدما أُنهِي جدل الأصوات الصاخبة التي كانت تسيطر على النقاش وتحوّل الاجتماعات إلى صراع بعيد عن المصلحة الحقيقية للطلاب.
وشكراً لك يا سالم صالح بن بريك الحال سالم
18.8.2025