كشف وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، الدكتور محمد سعيد الزعوري، أن أكثر من 20 مليون يمني يعيشون حالياً تحت خط الفقر، فيما يواجه نحو 7 ملايين آخرين خطر المجاعة المباشرة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة وانهيار مستمر في قيمة الريال اليمني.
وجاءت تصريحات الوزير خلال تدشينه، الأحد، ورشة عمل في العاصمة المؤقتة عدن، خُصصت لإطلاق مشروع توزيع 600 ألف سلة غذائية بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ضمن الجهود الرامية إلى التخفيف من الأعباء المعيشية المتفاقمة التي يعاني منها السكان.
وقال الزعوري إن الواقع المعيشي في اليمن يعكس حالة فقر مدقع، مؤكداً أن شريحة واسعة من المواطنين باتت تنتمي إلى ما وصفها بـ"الطبقة المسحوقة" غير القادرة على تأمين الاحتياجات الأساسية، وتعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية الخارجية.
وأضاف أن خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2025 التي أطلقتها الأمم المتحدة بهدف جمع ملياري دولار، لم تحقق حتى الآن سوى 11% من هدفها، أي نحو 275 مليون دولار فقط، إضافة إلى 45 مليوناً من مصادر تمويل أخرى، وهو ما ينذر بمزيد من التدهور في حال استمرار هذا العجز.
وأشار الوزير إلى أن المفارقة المؤلمة تكمن في أن معاناة المواطنين في المناطق المحررة، لا سيما في المحافظات الجنوبية، تفوق ما هو قائم في مناطق سيطرة الحوثيين، بسبب الانهيار الواسع في الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات البطالة وتدهور الوضع الأمني، رغم الوعود الرسمية بتحسين الأوضاع.
وفي ظل اعتماد ملايين اليمنيين على الإغاثة للبقاء على قيد الحياة، أظهرت تقارير محلية ودولية تنامي ثروات بعض المسؤولين واتساع أنشطتهم التجارية، ما يعكس فجوة متزايدة بين النخبة الحاكمة وبقية السكان، ويثير تساؤلات حول مصير المساعدات وغياب الشفافية والرقابة على توزيعها.
وأوضح الزعوري أن مشروع السلال الغذائية، الممول من مركز الملك سلمان، سيتم تنفيذه من خلال مؤسستين محليتين هما "يماني" و"ائتلاف الخير"، بواقع 300 ألف سلة غذائية لكل جهة، ويهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي والحد من سوء التغذية بين الفئات الأشد ضعفاً.
ودعا الوزير إلى تحسين التنسيق بين الحكومة والمنظمات الدولية لتعزيز فعالية العمل الإنساني، مشيراً إلى أن ضعف التنسيق وغياب الشفافية خلال السنوات الماضية أضعفا أثر المشاريع الإغاثية، في ظل شكاوى متكررة من تسرب المساعدات إلى الأسواق بدلاً من إيصالها إلى مستحقيها.
واختُتمت الورشة بتوقيع اتفاقية تنفيذ المشروع من قبل وكيل الوزارة لقطاع الرعاية الاجتماعية، صالح أبو سهيل، بحضور ممثلين عن الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الجهود الإغاثية، وسط تحديات مستمرة تواجه العمل الإنساني في البلاد.
وتعيش اليمن منذ عام 2015 واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، نتيجة الحرب المستمرة بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي، حيث أدت إلى نزوح قرابة 5 ملايين شخص داخلياً، معظمهم في مخيمات تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة وتعتمد بشكل كلي على المساعدات الدولية التي تتناقص تدريجياً بسبب تراجع التمويل.