على أعتاب الحلم الذي كاد أن يصبح واقعاً، يقف الطريق الدولي في محافظة أبين شامخاً، ينفض عن نفسه غبار سنواتٍ عجاف، ويتهيأ لارتداء كسائه الجديد، معلناً ميلاد مرحلة طال انتظارها.. مرحلة عنوانها الإخلاص الوطني والعمل الشريف بعيداً عن الشعارات والمصالح الضيقة.
لقد أثبت العميد الركن ناصر عبدربه منصور هادي أن العمل من أجل الناس هو أسمى درجات الوطنية، حين بادر بإعادة تأهيل الطريق العام في أبين، بجهود ذاتية وخطوات عملية، ليبقى هذا الإنجاز شاهداً له لا عليه، وشاهداً له عند الله ورسوله، وفي ضمير كل من يسلك هذا الطريق الآمن بعد أن كان فخاً قاتلاً ومصدر رعب يومي لعابريه.
ما قام به هذا القائد العسكري ليس عملاً عابراً أو ترويجياً، بل هو رسالة أخلاقية وإنسانية، موجهة لكل من يتقلد منصباً عاماً، وكل من أوتي من الإمكانيات والموارد ما يمكنه من إحداث فرق حقيقي في حياة المواطنين.
أين أنتم من هذه الروح..!
نسأل اليوم بصدق.. هل سيحذو بقية القادة العسكريين والأمنيين، والمحافظين والوزراء والنواب، حذو هذا القائد؟!
هل سيوجهون جزءاً يسيراً من الإمكانيات الكبيرة، من دعم التحالف والموازنات المحلية والموارد المتاحة، نحو تعبيد كل مسئول في مديريته 10 كيلومترات فقط من الطرق الرئيسية في نطاق محافظاتهم ومديرياتهم؟ هل يُعقل أن تبقى طرقنا متهالكة، تحصد الأرواح، وتقطع الأوصال، بينما الميزانيات تُستهلك في إنشاء القصور، والمولات، والمشاريع الاستثمارية الخاصة داخل وخارج الوطن؟
إن تعبيد الطرق ليس مجرد خدمة عامة، بل هو إنقاذ للأرواح، وربط للنسيج الاجتماعي، وتعزيز للحركة الاقتصادية، وتمهيد لبناء دولة حقيقية يشعر فيها المواطن أنه على قائمة الأولويات، لا في هامش الاهتمام.
لقد أعاد العميد ناصر عبدربه، بعمله هذا، تعريف المسؤولية الوطنية، وأثبت أن الانتماء لا يُقاس بالكلمات بل بالأفعال. وهو اليوم يضع الآخرين أمام امتحان الضمير
هل سيتحول ما فعله إلى نقطة ضوء تُقتدى.. أم سيظل صوته وحيداً في صحراء اللامبالاة؟!
أيها المسؤولون، إن عملكم الحقيقي هو ما ينفع الناس، وما يبقى أثره بعد رحيلكم. تعبيد الطرق خير من تشييد الفلل والأبراج والمجمعات ومحطات الوقود الخاصة وراحة الناس أولى من رفاهيتكم الخاصة.
اصنعوا لأنفسكم أثراً نافعاً.. فالدنيا لا تدوم، والعمل الصالح وحده هو الذي يبقى.