آخر تحديث :الثلاثاء-09 سبتمبر 2025-10:47م

(18) الارهابي عبدالحكيم الخيواني.. عقل المخابرات الحوثية ووجه القمع الطائفي

الثلاثاء - 09 سبتمبر 2025 - الساعة 02:09 م

د. فياض النعمان
بقلم: د. فياض النعمان
- ارشيف الكاتب

سلسة مقالات 18 -20

الارهابي عبدالحكيم هاشم الخيواني أو كما يعرف داخل أروقة المليشيات بابو الكرار رجل أمن صعد في لحظة فراغ سياسي ليملا منصب عابر وهو أحد أعمدة المشروع الارهابي الحوثي وأكثرهم التصاق بفكرة الدولة العميقة التي يحلم الحوثي بإنشائها على أنقاض الدولة اليمنية والحديث عنه ليس استدعاء لاسم موظف حكومي وانما إطلالة على عقلية أمنية مسكونة بالولاء للسلالة والعنصرية وغارقة في مشروع طائفي لا يرى في اليمنيين سوى شعب محكوم بالقمع والمراقبة.

الارهابي الخيواني لم يأت من فراغ وخرج من رحم نفس البيئة التي أنجبت معظم قادة المليشيات الحوثية بيئة مشبعة بخطاب الولاية والعنصرية والطائفية وتربى على ان السلطة حق أبدي له وأن الدولة ليست سوى وسيلة لتمكين السلالة وهذه النشأة صاغت وعيه مبكرا فصار مهي لأن يلعب دور الشرطي الطائفي والقابض على أعناق الناس باسم الأمن بينما يمارس أبشع أساليب القمع والابتزاز باسم حماية الدولة ولأنه يحمل هذا الإرث الفكري لم تجد المليشيات الحوثية الارهابية صعوبة في دفعه إلى واجهة المشهد الأمني ليكون الأداة التي تضبط الداخل وتخنق كل صوت معارض.

توليه منصب رئيس ما يسمى بجهاز الأمن والمخابرات في صنعاء لم يكن قرار عشوائي وانما تعبير عن قناعة الارهابي زعيم المتمردين عبدالملك الحوثي بأنه بحاجة إلى رجل موثوق به مطبوع على الطاعة ومؤمن بأن القمع هو الطريق الوحيد لبقاء المليشيات فجهاز الأمن اصبح مؤسسة قمعية لا وظيف لها سوى حماية السلالة وكل ملف يفتح على مكتبه كان وسيلة لإسكات المعارضين ومطاردة الصحفيين وابتزاز رجال الأعمال وتهديد حتى أولئك الذين حاولوا أن ينأوا بأنفسهم عن الصراع.

الارهابي الخيواني جسد في ممارساته صورة رجل الأمن الحوثي لا يعرف القانون إلا كأداة ولا يرى المواطن إلا كمتهم ولا يتعامل مع الدولة إلا كغنيمة فالسجون التي ملأها بالمعتقلين لم تكن مؤسسات إصلاح وانما مصانع للخوف والتعذيب والإخفاء القسري والابتزاز العائلي كلها أدوات يومية في قاموسه ولقد بنى حول نفسه شبكة من الجلادين الذين يعتقدون أن الولاء للسلالة يبرر كل جريمة وأن خدمة المشروع الإيراني فوق أي اعتبار إنساني أو وطني.

لكن خطورته لم تكن في الجانب الأمني وحده وانما في قدرته على ربط الأمن بالاقتصاد والسياسة معاا فالرجل لم يكن مجرد منفذ أوامر واصبح شريك في صناعة شبكة الولاءات التي يشتريها الحوثي بالترهيب كما يشتريها بالمال وكل اعتقال كان فرصة لابتزاز مالي وكل تهمة مفترضة كانت وسيلة للحصول على صفقة وكل إفراج عن معتقل كان مقايضة سياسية أو مالية وبهذه الطريقة لم يتحول جهاز الأمن إلى مؤسسة فاشلة فقط وانما إلى مؤسسة تدر دخلا للمليشيات وتغذي خزائنها.

وعلى الصعيد الخارجي لم يكن الارهابي الخيواني بعيد عن التنسيق مع النظام الايراني وحزب الله الارهابي فمنصبه الأمني جعله حلقة رئيسية في تمرير المعلومات وضمان استمرار الدعم اللوجستي وكان عين المليشيات في الداخل وأذنها في الخارج ينقل التقارير التي تضمن بقاء صنعاء جزء من محور طهران وبهذه الصفة صار واحد من أهم رجالات المشروع الإيراني في اليمن وليس موظف أمني محلي.

شخصية مثل الارهابي عبدالحكيم الخيواني تكشف بوضوح كيف يدار المشروع الحوثي الارهابي فهو لا يقف في الجبهات ولا يخطب في المنابر لكنه يحكم قبضته على الداخل ويضمن ألا يعلو صوت غير صوت المليشيات وهو تجسيد لفكرة أن السيطرة الأمنية أهم من أي بناء سياسي أو اقتصادي ولقد حول المجتمع اليمني إلى فضاء مراقب والناس فيه متهمون مسبقا والمواطنة فيه ليست حقا وانما منحة تسحب متى شاءت المليشيات الحوثية الارهابية.

خطورة الخيواني تكمن في كونه صورة مكتملة للهاشمية السياسية عندما ترتدي ثوب الأمن كما أن الارهابي احسان الحمران جسدها في الاقتصاد يجسدها الارهابي الخيواني في جهاز المخابرات كلاهما يلتقيان في هدف واحد تثبيت سلطة السلالة وإفقار الشعب وتكميم أفواه الناس والفرق أن الارهابي الحمران ينهب المال بينما الأرهابي الخيواني يكسر الإرادة فالأول يصنع طبقة من الفاسدين والثاني يصنع مجتمع من الخائفين والنتيجة واحدة بقاء مليشيات الحوثي الارهابية في الحكم على حساب اليمنيين.

كما إن استحضار سيرة الخيواني ليس محاولة لتوثيق جرائمه ولكن لفهم العقلية التي تدير اليمن اليوم عقلية ترى في الأمن مجرد عصا وفي الدولة مجرد أداة وفي الشعب مجرد قطيع الأرهابي عبدالحكيم الخيواني ليس فرد وانما انعكاس لبنية كاملة وعقلية قمعية ترى أن كل معارض خائن وكل حرية جريمة وكل مطلب وطني تهديد لسلطة الولاية.

وعندما يكتب تاريخ هذه المرحلة السوداء من حياة اليمن سيقف عند اسم الارهابي الخيواني كواحد من أشد رجالات المليشيات قسوة وأكثرهم التصاق بمشروع القمع الشامل رجل لم يكتف بإدارة السجون وجعل من اليمن سجن كبير وحول من جهاز الأمن التابع للمليشيات جهاز لتكميم الأفواه وإخماد الأصوات وهو الوجه الذي يختصر كيف تتحول الهاشمية السياسية إلى مخابرات وكيف يصاغ الوطن على مقاس الطغيان وكيف يمكن لرجل واحد أن يمثل الرعب كله في أمة تحاول أن تتنفس الحرية.