آخر تحديث :الجمعة-05 ديسمبر 2025-03:50م
اقتصاد

التحويلات المالية تتصدر مشهد الاقتصاد اليمني وتتجاوز عائدات النفط لأول مرة

التحويلات المالية تتصدر مشهد الاقتصاد اليمني وتتجاوز عائدات النفط لأول مرة
الجمعة - 28 نوفمبر 2025 - 01:30 م بتوقيت عدن
- باب نيوز - خاص:

كشف تحليل حديث أعدّته مجموعة من أبرز المنظمات الإغاثية الدولية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، أن التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين أصبحت المصدر الأول للعملة الصعبة في البلاد، متجاوزة صادرات النفط التي توقفت فعلياً منذ عام 2022 بفعل هجمات الحوثيين على موانئ التصدير في حضرموت وشبوة.

ويضع التحليل اليمن في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث الاعتماد على التحويلات، بعد طاجيكستان وتونغا، على الرغم من فارق التعداد السكاني وظروف الاستقرار الاقتصادي بين هذه الدول.

ووفق النتائج، باتت التحويلات تشكّل أكثر من 38% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تشير التقديرات إلى أن إجمالي ما تلقّته البلاد من تحويلات – الرسمية وغير الرسمية – بلغ 7.4 مليار دولار خلال عام 2024، وهو أعلى رقم في تاريخ الاقتصاد اليمني.

ويؤكد التقرير أن الحرب الممتدة منذ 2015 أعادت تشكيل البنية الاقتصادية لليمن من جذورها، لتصبح التحويلات المالية «الشريان الأخير» الذي يبقي ما تبقى من الدورة الاقتصادية في بلد يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

كما حلّت التحويلات محل عائدات النفط التي كانت المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي قبل أن تمنع جماعة الحوثي الحكومة الشرعية من استئناف التصدير.

ومع التراجع الكبير في تمويل المساعدات الإنسانية، أصبحت تحويلات المغتربين العامل الأكثر تأثيراً في قدرة ملايين الأسر على البقاء، في حين يتصدر اليمن قائمة الدول الأكثر اعتماداً على تحويلات العاملين بالخارج – باستثناء دولتين فقط – وسط هشاشة اقتصادية تجعل هذا الاعتماد أكثر خطورة من أي وقت مضى.

اعتمدت الدراسة على منهجية واسعة شملت تتبع مسارات التحويلات، وإجراء مقابلات مع مقدمي الخدمات المالية، وتحليل ميزان المدفوعات ومصفوفات النزوح.

وكشفت النتائج عن وجود تدفقات تحويلات داخلية مهمة؛ إذ يقوم نازحون يعملون في مناطق الحكومة بإرسال أموال لعائلاتهم في مناطق سيطرة الحوثيين، ما يعكس الارتباط العميق بين الهجرة الداخلية وشبكة التحويلات المالية.

كما أظهرت أن التحويلات الخارجية تتأثر بدورات موسمية، أبرزها مواسم الأعياد الدينية وأنماط العمل في دول الخليج التي تضم الغالبية العظمى من العمالة اليمنية.

وحذّر التحليل من أن التصنيف الأميركي لجماعة الحوثي منظمة إرهابية أجنبية، إلى جانب تشديد العقوبات المصرفية وتصاعد الحرب الاقتصادية بين الحكومة والجماعة، كلها عوامل قد تقيّد وصول التحويلات عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية.

وبحسب التقرير، فإن أي اضطراب كبير في تدفق التحويلات سيقود إلى آثار كارثية، خصوصاً أن 66% من الأسر التي شملها المسح عاجزة عن تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية، بينما تمثل التحويلات مصدر الدخل الأساسي – وأحياناً الوحيد – لهذه الأسر.

ويتوقع الخبراء أن يواجه 18.1 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي مطلع 2026، مع ازدياد الفقر ولجوء الأسر إلى آليات مواجهة خطرة، مثل خفض الوجبات وبيع الأصول الضرورية.

ويؤكد التحليل أن أي تراجع في تحويلات المغتربين سيقوّض استقرار العملة، ويعرقل تمويل الواردات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ما يجعل التحويلات المالية عنصراً محورياً ليس فقط في الاقتصاد، بل في صمود المجتمع اليمني بأكمله.