قال مسؤولون ومحللون إن قرار مجلس الأمن الدولي بتمديد مهمة مراقبة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر يحمل طابعًا رمزيًا ومعنويًا أكثر من كونه إجراءً عمليًا يمكن أن يحد من تهديدات الميليشيا، ما لم يتم إنهاء سيطرتها على مؤسسات الدولة في صنعاء.
وكان مجلس الأمن قد صوّت بأغلبية 12 من أصل 15 عضوًا لصالح تمديد مهمة المراقبة حتى يناير 2026، ضمن القرار الذي يندرج في إطار القرار 2722 الصادر في مطلع العام 2024، والذي دعا حينها إلى وقف الهجمات الحوثية، وأتاح للدول الأعضاء حماية سفنها في مياه البحر الأحمر.
ويأتي هذا التمديد في ظل استمرار تصعيد الحوثيين وتهديدهم لأمن الملاحة الدولية، وسط تشكيك في فاعلية القرارات الأممية دون خطوات أكثر حزمًا على الأرض.
ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، أسامة الشرمي، أن القرار "يعدّ دليلًا على خطورة الأعمال التي ترتكبها ميليشيا الحوثي في المياه الإقليمية المتاخمة لليمن، وكذلك في المياه الدولية وممرات الملاحة العالمية، وهو إشارة واضحة إلى أن ما تقوم به هذه الميليشيا سيكون خاضعًا للرقابة الدولية، وربما حتى للتدخلات، كما حدث بعد صدور القرار رقم 2722".
وقال الشرمي، لـ "إرم نيوز"، إن "القرار لن يكون له تأثير مباشر وواضح على الحوثيين، إلا في النواحي المعنوية، لكن استناد بعض الدول إلى هذه القرارات، وعلى التقارير المقدمة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، في تدخلاتها وضرب ميليشيا الحوثي، هو الذي ربما يكون عاملًا ضاغطًا ورادعًا".
وأضاف: "بشكل عام، فإن استمرار مجلس الأمن في استعراض هذه التقارير، يمثل إدانة واضحة للميليشيا، وبالتالي إدانة للجهة الداعمة والممولة والمخططة، وهي النظام الإيراني، كما قد تفتح هذه الخطوة بابًا للتعاون بين الدول المعنية، خصوصًا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، مع الحكومة الشرعية في اليمن، من أجل التوصل إلى آليات مشتركة لوقف هجمات الحوثيين وإنهاء خطرهم".
ونبه الشرمي على أن "تمديد فترة رفع التقارير الأممية، جاء بالتزامن مع دعوات أطلقها أعضاء في المجلس، لا سيما الولايات المتحدة، تطالب بإنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة في الحُديدة (أونمها)، المعنية بمراقبة تنفيذ اتفاق ستوكهولم".
وأشار إلى أن "الدعوات إلى سحب هذه الفرق الدولية يعد مؤشرًا على رفع الغطاء الدولي عن ذلك الاتفاق، ما قد يعيدنا إلى لحظة ما قبل الاتفاق، عندما كانت قوات الحكومة الشرعية على تخوم ميناء الحديدة، وقاب قوسين من بسط كامل السيطرة على المحافظة التي تُشكل رأس الحربة في الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية".
وتابع الشرمي: "وقد يكون هذا التطور عاملًا دافعًا نحو استعادة هذه المناطق من سيطرة الحوثيين، وبسط سلطة الدولة اليمنية، على الأقل في الساحل الغربي"، مضيفًا: "وهو ما من شأنه أن يمنع الجماعة من تهديد ممرات الملاحة الدولية، ويُسهم في وقف عمليات التهريب التي تتم برعاية إيران عبر الشواطئ اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين".
بدوره، قال الكاتب الصحفي والباحث همدان العليي إن" أي إجراء من هذا النوع سيكون مفيدًا في إطار التوثيق، بالإضافة إلى تبرير بعض الإجراءات المستقبلية، في حال قررت أي من دول العالم الذهاب باتجاه حماية أصولها في البحر الأحمر، إذا ما توسعت الهجمات الحوثية".
واستبعد العليي في حديث لـ "إرم نيوز" أن "يؤثر القرار على المستوى الميداني والعسكري للميليشيا كوننا ببساطة نتعامل مع عصابة مسلحة وجماعة إرهابية لا تعبأ بمثل هذه الإجراءات ولا تتأثر بها".
وانتقد الصحفي اليمني عدم قدرة المجلس على تنفيذ قراراته بشأن الحوثيين، خاصة القرار رقم 2216، الذي كان من المفترض تطبيقه بشكل صارم، متهمًا "المبعوثين الأمميين خلال الفترات الماضية بالقيام بأدوار ساهمت في إفراغ القرار من مضمونه، وتعطيل تأثيره".
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر، سام الغباري: "إن تمديد مجلس الأمن الدولي التقارير الرقابية حول هجمات ميليشيا الحوثي على السفن التجارية في البحر الأحمر، يمثل من الناحية الإجرائية تطورًا في التوصيف، لكنه لا يرقى بعد إلى مستوى الردع الحقيقي، ما دام القرار بلا ذراع تنفيذية قادرة على إيقاف الخطر من جذوره".
وبيّن الغباري في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "الحوثيين ليسوا طرفًا يحترم القانون الدولي، أو يخضع لحسابات الردع الأخلاقي، هم جماعة مسلحة ولدت على ثقافة الاغتصاب السياسي، وتغذت على سلاح إيراني، وتعمل تحت عقيدة تتجاوز الحدود اليمنية نحو تهديد إقليمي معلن".
ويرى الغباري أن "أي إجراء أممي لا يُلزم بوضوح دعم الحكومة اليمنية الشرعية لفرض سيطرتها الكاملة على الأرض بقوة القانون والسلاح، سيبقى حبرًا على ورق".
ولفت الغباري إلى أن "المجتمع الدولي يتحرك فقط حين تتعرض مصالحه المباشرة للخطر، كما يحدث في الممرات البحرية"، مضيفًا: "بينما تُترك جرائم الحوثي في الداخل اليمني دون مساءلة، وكأن حياة اليمنيين أقل شأنًا من خطوط الملاحة"، مشيرًا إلى أن "هذه الازدواجية في المعايير لا تُنتج سلامًا، ولا تحمي أمنًا، بل تُعمق فجوة الثقة، وتؤسس لواقع هشّ تستفيد منه الميليشيا".
ويعتقد أن " الحرب في البحر لن تتوقف طالما بقي الحوثي مسيطرًا على صنعاء، إذ لا يمكنك أن تفكّك ألغام البحر وتُبقي على من زرعها في البر"، مضيفًا: "إذا أراد المجتمع الدولي إنهاء الإرهاب البحري، فعليه أولًا إنهاء الانقلاب في العاصمة، وإعادة الشرعية إلى مكانها الطبيعي".
أشرف خليفة - إرم نيوز