آخر تحديث :الإثنين-13 أكتوبر 2025-01:59م

احزاب اليسار والشباب اليمني… صراع الأجيال وضياع مشروع التغيير

الإثنين - 13 أكتوبر 2025 - الساعة 10:49 ص

د. فياض النعمان
بقلم: د. فياض النعمان
- ارشيف الكاتب

تأتي ذكرى تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني هذا العام في لحظة فارقة تكشف حجم الفجوة بين اليسار اليمني وشباب اليمن فبينما تعيش بلادنا تحولات كبرى في بنيته السياسية والاجتماعية ما زالت قوى اليسار أسيرة أيديولوجيات قديمة ونمط تفكير لم يعد يواكب الواقع لتتحول من حامل لمشروع التغيير إلى عقبة أمام تجديده.

ظل اليسار اليمني متمسكا بخطابه التقليدي الذي ولد في ظروف مختلفة دون أن يجرؤ على مراجعة نقدية حقيقية لمسيرته فالأفكار التي كانت تمثل يوما شعلة وعي أصبحت اليوم عبئ على جيل جديد يبحث عن أدوات سياسية أكثر مرونة وأكثر اتصال بمفاهيم الدولة المدنية والتمكين والمواطنة المتساوية وفي وقت تتغير فيه طبيعة المجتمع وتظهر أجيال أكثر وعيا وانفتاح لا يزال اليسار يعيد إنتاج ذاته بذات الأدوات التي لم تعد تقنع أحد.

المعضلة الكبرى تكمن في استمرار رفض اليسار اليمني تمكين الشباب سواء داخل الحزب الاشتراكي اليمني أو بقية التكتلات اليسارية او في اي تكتلات سياسية جامعة للقوى اليمنية الفاعلة فالشباب الذين كانوا وقود كل التحولات السياسية والاجتماعية في اليمن أصبحوا اليوم خارج دائرة التأثير وعلى الرغم من أن مخرجات الحوار الوطني نصت بوضوح على تمكين الشباب بنسبة ٢٠٪؜ في السلطات ومواقع القرار إلا أن القوى اليسارية ظلت تتعامل مع هذا الاستحقاق كترف سياسي لا كالتزام وطني كما انها اصبحت الطرف الذي يرفض مشاركة الشباب وتمكينهم سياسيا.

فاستمرار حالة المراوحة داخل اليسار اليمني يثير علامات استفهام حول جدية هذه الأحزاب في تبني قيم التغيير فكيف يمكن لحزب ولد من رحم المعاناة أن يخذل طاقات الشباب ويكبح طموحاتهم السياسية؟ وكيف يمكن لقوى كانت ترفع شعار العدالة الاجتماعية أن تمارس الإقصاء داخلها وتغلق الأبواب أمام جيل جديد يملك الفكر والحماس والمبادرة؟

لقد تحولت القيادات القديمة داخل اليسار اليمني إلى هياكل هلامية تستهلك تاريخ اليسار أكثر مما تجدد مستقبله فهي لا تزال تتعامل مع السياسة بعقلية الوصاية الأبوية وكأن الشباب غير مؤهلين بعد للقيادة أو المشاركة في صناعة القرار هذا الجمود جعل الخطاب اليساري في اليمن يفقد بريقه وتأثيرة بعدما كان يمثل منارة للتنوير والدفاع عن قضايا الشعب.

اليسار اليمني أمام لحظة اختبار حقيقية فإما أن يتجدد من الداخل ويمنح الشباب المساحة التي يستحقونها أو يظل حبيس ماضيه حتى يفقد صلته بالواقع تماما فجيل اليوم لا ينتظر إذن من أحد ليكون جزء من الحاضر والمستقبل ولن يقبل أن يقصى في وطن كان هو من أشعل شرارة نضالاته.

مستقبل العمل السياسي في اليمن مرهون بقدرة الأحزاب وعلى رأسها أحزاب اليسار على كسر حلقة التكرار والانغلاق وإعادة بناء الثقة مع الشباب باعتبارهم شركاء في القرار لا مجرد تابعين فالتغيير الحقيقي لا يصنعه التاريخ وانما تصنعه الأجيال الجديدة عندما تجد من يمنحها الفرصة لتبني وطنا يتسع للجميع.