اختُتمت صباح اليوم الأربعاء 17 ديسمبر، في العاصمة المؤقتة عدن، أعمال الورشة العلمية بعنوان "جودة برامج الدراسات العليا في مؤسسات التعليم العالي اليمنية.. الواقع وآليات التطوير"، التي نظمها مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي على مدى يومين متتاليين، بمشاركة واسعة من وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي، والخدمة المدنية والتأمينات، ورؤساء الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية، وعمداء عدد من الكليات، وقيادات أكاديمية وبحثية، وممثلي الجهات ذات العلاقة.
وفي ختام الورشة كان للأستاذ الدكتور/خالد عمر باسليم وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني لقطاع الشؤون التعليمية، كلمة أكد فيها أن اختتام هذه الورشة يمثّل محطة مهمة لتقييم واقع برامج الدراسات العليا، والبناء على ما تم طرحه من أفكار علمية ومناقشات معمقة أسفرت عن مخرجات وتوصيات عملية قابلة للتنفيذ، وأوضح أن ما شهدته الورشة من تفاعل علمي ونقاشات مسؤولة يعكس وعيًا مؤسسيًا متقدمًا بأهمية الجودة، وضرورة الانتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة التطبيق والتطوير.
وأشار باسليم إلى أن وزارة التعليم العالي ستولي توصيات الورشة اهتمامًا بالغًا، وستعمل على دراستها ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي، بما يسهم في تحسين جودة برامج الدراسات العليا، والارتقاء بمستوى المخرجات الأكاديمية، رغم التحديات والظروف الاقتصادية الراهنة، مؤكدًا أن العمل التشاركي بين الوزارة والجامعات يمثل ركيزة أساسية لإنجاح أي إصلاحات مستقبلية.
من جانبها أكدت الأستاذ الدكتور/سوسن باخبيرة رئيس مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي، في كلمتها الختامية، أن اختتام أعمال الورشة لا يعني نهاية الجهد، بل يشكل انطلاقة جديدة لمرحلة عمل مؤسسي مبني على مخرجات علمية واضحة ورؤية مستقبلية مشتركة، وأوضحت أن الورشة خرجت بجملة من التوصيات التي تعكس احتياجات الجامعات اليمنية، وتسهم في تطوير برامج الدراسات العليا وتعزيز جودة التعليم والبحث العلمي.
وأضافت باخبيرة أن المجلس وبالتنسيق مع وزارة التعليم العالي، سيعمل على متابعة نتائج الورشة وتفعيل توصياتها ضمن الأطر والمعايير المعتمدة، بما يضمن استدامة الجودة، وتطوير البيئة البحثية، وتمكين الجامعات من أداء دورها الأكاديمي والتنموي بكفاءة أعلى، وعبرت عن تقديرها للتفاعل الإيجابي والمشاركة الفاعلة من قبل ممثلي الجامعات الحكومية والأهلية، مؤكدة أن هذا التفاعل يعكس حرص الجميع على ترسيخ ثقافة الجودة والعمل المشترك لصياغة مستقبل أفضل للدراسات العليا في اليمن.
وشهدت الورشة على مدى يومي انعقادها، مناقشة عدد من الأوراق العلمية المتخصصة، تناولت تقييم الوضع الراهن لبرامج الدراسات العليا في مؤسسات التعليم العالي اليمنية، وتوجهات وسياسات وزارة التعليم العالي لتطوير هذه البرامج، إلى جانب استعراض تجارب عدد من الجامعات اليمنية في استحداث برامج جديدة، وطرح رؤى بحثية تهدف إلى تخفيف أعباء الابتعاث الخارجي وتعزيز القدرات البحثية المحلية.
وفي ختام أعمالها خرجت الورشة بعدد من التوصيات، التي أكدت على ضرورة تحديث التشريعات الخاصة بالتعليم العالي لمواكبة التغيرات المحلية والإقليمية والدولية المتسارعة، وإنشاء مجلس تنسيقي وطني لبرامج الدراسات العليا لتوحيد الجهود ورفع كفاءة التخطيط والتنفيذ، إلى جانب صياغة خطة وطنية للبحث العلمي وإعداد خارطة بحثية واضحة لتطوير البحث العلمي في الدراسات العليا وسد النقص في التخصصات التي تلبي احتياجات سوق العمل، كما أوصت التوصيات بتوجيه برامج الدراسات العليا نحو الاختصاصات التي يحتاجها المجتمع المحلي وسوق العمل، مع توجيه الطلبة لدراسة التوجهات المستقبلية للاختصاصات والمجالات العلمية لمهن المستقبل، وتحويل الأبحاث النظرية إلى حلول عملية تخدم قضايا التنمية المحلية.
وشددت الورشة على أهمية تفعيل الشراكات التشاركية مع باحثين من جامعات محلية وإقليمية وعالمية، وتنفيذ تعاون مستمر مع الجامعات والمراكز البحثية الخارجية، خصوصًا في الجانب العملي، كما تم التأكيد على إدخال الجامعة ككيان أكاديمي في مشاريع التنمية الممولة من خارج المحافظة، وتعزيز دور الجامعة كبيت خبرة استشاري للمساهمة في إيجاد الحلول والابتكارات لدعم التنمية الاقتصادية والإدارية والمجتمعية المستدامة.
وشجعت التوصيات الجامعات اليمنية على تبني سياسات جذب أكاديمي تستوعب الطلبة الدوليين بما يعزز الدور العلمي لليمن ويسمح للبرامج المحلية بعدًا عالميًا، وتعزيز التكامل المعلوماتي بين الجامعات والكليات عبر إنشاء نظام أو مركز لجمع المعلومات والإحصاء، ووضع آلية للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي وفق أفضل الممارسات الإقليمية والعالمية، كما أكدت التوصيات على متابعة أثر خريجي الدراسات العليا وتقييم إسهامهم في تقديم الحلول الناجحة والمميزة في سوق العمل بما يعود بالإيجاب على المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.
وشملت التوصيات أيضًا إقامة ورش عمل بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي ووزارة الخدمة المدنية والجامعات لتحديد احتياجات السوق وربطها بمخرجات التعليم الجامعي والعالي، وتحديث لوائح الدراسات العليا لتشمل فصولًا مستقلة لكل نمط (أكاديمي، تنفيذي، إلكتروني)، مع مراعاة الضوابط الخاصة لضمان عدم الخلط بين المسارات، كما أكدت الورشة على تبني منصات تعليمية تضمن منع انتحال الهوية والتحقق من النزاهة في الاختبارات ومناقشات الرسائل لضمان مصداقية الدرجة العلمية، واعتماد أدوات عملية للبرامج التنفيذية لقياس الأثر التطبيقي للخريجين وعدم الاكتفاء بالتحصيل النظري، بالإضافة إلى تطبيق معيار الاعتماد الثامن (التقييم والتحسين المستمر) عند جمع الاستبيانات، مع إلزام الأقسام العلمية بتقديم "خطط تحسين مؤقتة" ومراجعة البرامج دوريًا كل 3 سنوات لضمان حداثتها.
وفي نهاية الورشة، تم توزيع الشهادات للمشاركين في الورشة ولأعضاء اللجان المنظمة، تكريمًا لجهودهم ومساهمتهم الفاعلة في إنجاح أعمال الورشة.