آخر تحديث :الجمعة-05 سبتمبر 2025-10:32م

(16) محمد أحمد مفتاح… عرّاب المال والدين والسياسة في مشروع المليشيات

الجمعة - 05 سبتمبر 2025 - الساعة 08:55 م

د. فياض النعمان
بقلم: د. فياض النعمان
- ارشيف الكاتب

سلسة مقالات 16 -20

عندما تهاوت ركائز حكومة المليشيات الحوثية تحت وطأة الضربات الجوية لطائرات الكيان الصهيوني التي استهدفت قياداتها خرج الارهابي محمد أحمد مفتاح من الظل إلى الصدارة باعتباره الرجل الذي تسلم مفاتيح الإدارة وأحكم قبضته على ما تبقى من مؤسسات المليشيات ولم يكن ظهوره الطارئ وليد لحظة فراغ وانما امتداد لمسار طويل صاغه بذكاء رجل يعرف كيف يستثمر الدين لتثبيت السياسة والمال لبناء الولاء حتى غدا أحد أخطر رجال الارهابي عبدالملك الحوثي وأكثرهم تأثيرا.

الارهابي مفتاح الذي نشأ في بيئة زيدية تقليدية لم يطرق باب السلطة عبر ميادين القتال ولكن عبر المنابر ومن المآذن نسج خطاب طائفي موجّه حول المساجد إلى منصات تعبئة وزرع في عقول الشباب فكرة أن الالتحاق بجبهات المليشيات واجب ديني وهذا الدور جعله بمثابة المفتي العسكري للمليشيات يشرعن الحرب بآيات وخطب ويقدم الموت كقربان للسلطة.

لكن خطورته لم تتوقف عند الخطاب وانما تجسدت في المال بصفته مشرفا على هيئة الزكاة الذي حول مواردها إلى بنك ولاءات مغلق ودعم للفقراء على الورق بينما الواقع يؤكد أن تلك الأموال تصرف لتمويل المقاتلين وإغراء شيوخ القبائل وصناعة شبكة نفوذ متغلغلة في الدولة والمجتمع وهكذا تحولت الزكاة على يده من فريضة شرعية إلى أداة سياسية ومن ركن ديني إلى سلاح لإدامة الانقلاب.

ومع إعادة هيكلة حكومة المليشيات قفز مفتاح إلى موقع النائب الأول لرئيس الوزراء لكن صلاحياته تجاوزت اللقب ليصبح الرئيس الفعلي لحكومة المليشيات والوزراء الذين يظهرون للإعلام مجرد دمى بينما القرار والسيطرة يتدفقان من مكتبه وهو الذي يحدد الأولويات ويوزع الموارد ويرسم خريطة النفوذ بما يخدم مشروع الارهابي عبدالملك الحوثي مباشرة.

امتد نفوذه حتى الجبهات العسكرية ولم يكن قائد ميداني ولكنه الممول الأكبر بملايين الريالات وزعت عبره لتجهيز الحملات واستمالة القبائل وشراء الدماء التي تزج يوميا في حرب بلا نهاية وأصبح مفتاح رجل الدين والسياسة والاقتصاد في آن واحد والذراع الأخطر التي تمسك بخيوط اللعبة من خلف الستار.

اليوم ينظر إليه كعرّاب للمليشيات الحوثية في إدارة الدولة الموازية والوجه الخفي الذي يجمع بين سلطة الدين وسطوة المال والذي يمارس الحكم باسم زعيم المتمردين الارهابي عبدالملك الحوثي لكنه يتفرد بسلطة القرار والحديث عنه ليس مجرد استعراض لشخصية نافذة وانما كشف للجوهر الحقيقي لطبيعة حكم المليشيات الارهابية سلطة تقوم على شعارات دينية لكنها تدار بالصفقات وتستمر بالقمع وتغذى من المال العام.